أدرجت إندونيسيا نهج الاستهداف بالاعتماد على المجتمعات المحلية في برامج التحويلات النقدية الطارئة التي اعتُمدت استجابةً للأزمة المالية في عام 2007، ومؤخراً استجابةً لجائحة كوفيد-19. ينطلق نهج الاستهداف بالاعتماد على المجتمعات المحلية من استشارة الأفراد في المجتمعات المحلية من أجل تحديد أفقر الأسر المؤهلة لتلقي التحويلات النقدية. وإذا ما استُخدم هذا النوع من الاستهداف في ظروف مناسبة، فقد يحقق نتائج سريعة وفعالة في الوصول إلى أسر ربما كانت تتعرض للإقصاء في إطار نهج الاستهداف التقليدية.
في عام 2005، اعتمدت الحكومة تحويلات نقدية مؤقتة وغير مشروطة في إطار برنامج بانتوان لانغسنغ توناي للمساعدة النقدية، وذلك لإعانة الأسر المعيشية على التأقلم مع الاقتطاعات من دعم الوقود، فخُصِّصت نسبة من الوفورات التي حققتها الحكومة من إزالة الدعم إلى برنامج جديد للتحويلات استفادت منه 18.5 مليون أسرة معيشية.1 وجرى تحديد الأسر التي ستتلقى التحويلات عبر الاختبار بالوسائل غير المباشرة بالاستناد إلى معلومات جُمعت حديثاً من أجل تعداد سكان البلد.2 وقد أثار برنامج التحويلات، عند اعتماده، جدلاً حاداً واستياءً على نطاق واسع. وأدى صدور القائمة الأولية بالمستفيدين إلى الاحتجاجات وإلى استقالة عدد من قادة القرى.
وفي عام 2008، أقرت الحكومة برنامج تحويلات إضافية استجابةً للأزمة الاقتصادية العالمية. وسعياً منها إلى معالجة المخاوف من الإقصاء الذي حصل في إطار برنامج عام 2005، اعتمدت عملية للتحقق على صعيد المجتمع المحلي، تُعرف باسم “نهج الاستهداف بالاعتماد على المجتمعات المحلية”. في إطار البرنامج الجديد، أُجريت تجربة ميدانية لاختبار أداء نهج مختلفة في الاستهداف ومدى قبول الجمهور لها. تناولت التجربة الاختبار بالوسائل غير المباشرة ونهج الاستهداف بالاعتماد على المجتمعات المحلية، وكذلك نهجاً مختلطاً يستخدم الاستهداف بالاعتماد على المجتمعات المحلية للحد من قائمة المؤهلين، والاختبار بالوسائل غير المباشرة للتحقق من عدم استئثار الميسورين بالأموال. وبيّنت النتائج أن نهج الاستهداف بالاعتماد على المجتمعات المحلية زاد من قبول المواطنين لعملية توزيع الحماية الاجتماعية وعزز تصوراتهم بشأن شرعيتها، وخفّض الشكاوى بنسبة 60 في المائة عمّا كانت عليه في إطار الاختبار بالوسائل غير المباشرة.3
استجابةً لجائحة كوفيد-19، وسّعت الحكومة نطاق التغطية بالحماية الاجتماعية لتشمل 9 ملايين أسرة لم تكن مشمولة بالبرامج الوطنية الرئيسية. وتطلّب تحقيق الفعالية لهذه التحويلات الإسراع بتوزيعها، فاستفادت الحكومة من تجارب سابقة في الاستهداف، فعيّنت متطوعين من المجتمعات المحلية للمساعدة في التعرف على المؤهلين لتلقي التحويلات، وتوصيل الأموال إليهم.
التنفيذ
في عام 2005، أعدّت حكومة إندونيسيا سجلاً بالأسر المعيشية الفقيرة والمعرضة للمخاطر عبر مسح شمل 19 مليون أسرة معيشية في أدنى ثلاث فئات عشرية من سلم توزيع الدخل. واستُخدمت نتائج المسح لوضع أول نهج موحد للحماية الاجتماعية في البلد، عُرف باسم PSE05 (Pendataan Sosial Ekonomi Penduduk 2005)، وجرت مراجعته لاحقاً ليصبح “نظام الاستهداف الموحَّد” (UDB).
في عام 2008، ومع إعادة هيكلة برنامج بانتوان لانغسنغ توناي، حُدِّثت قائمة الأسر المعيشية بعد التحقق من المجتمعات المحلية. واستهدف البرنامج الأسر الفقيرة أو التي تكاد تقع في وهدة الفقر من خلال ثلاث تحويلات في فترة تسعة أشهر، تعادل قيمتها نسبة 15 في المائة من متوسط ميزانيات الاستهلاك الشهرية للأسرة. وجرى تيسير اجتماعات في القرى التي استُخدم فيها نهج الاستهداف بالاعتماد على المجتمعات المحلية من أجل تحديد الخصائص المحلية للفقر، وصَنَّف المشاركون في الاجتماعات الأسر وفقاً لهذه الخصائص، وعُدّت الأسر تحت خطٍّ محدد مؤهلة لأن يشملها برنامج التحويلات. واعتمدت الطريقة المختلطة العملية ذاتها، وتبعها تحقق من النتائج إزاء الدرجات المعطاة للأسر وفقاً للاختبار بالوسائل غير المباشرة، بالاعتماد على سجلات المستفيدين القائمة. وفي عام 2008، وصلت التحويلات إلى نسبة من أفقر الأسر المعيشية ماثلت نسبة عام 2005، إلا أن الأدلة من التجربة الميدانية أشارت إلى أن نهج الاستهداف بالاعتماد على المجتمعات المحلية، أو بمزيج منه ومن نهج الاختبار بالوسائل غير المباشرة، زاد من قبول الجمهور لبرنامج التحويلات.
وبرنامج التحويلات النقدية إلى صناديق القرى BLT-Dana Desa (BLT-DD) هو من البرامج المعتمدة حديثاً للوصول إلى مستفيدين جدد أثرت فيهم جائحة كوفيد-19، ويتضمن مكوناً يعتمد على نهج الاستهداف بالاعتماد على المجتمعات المحلية. وكان المنشود من التحويلات النقدية غير المشروطة بقيمة 600,000 روبية إندونيسية (حوالي 40 دولار أمريكي) لمدة ثلاثة أشهر هو الوصول إلى ثمانية ملايين أسرة معيشية لم تكن تتلقى مساعدات من الحماية الاجتماعية قبل الجائحة. وجرى التوصل إلى القوائم النهائية للمستفيدين من خلال النقاشات في القرى، وعُيِّن متطوعون على صعيد الأحياء للمساعدة في توزيع التحويلات النقدية.4
التكلفة
مُوّل برنامج بانتوان لانغسنغ توناي لعام 2005 من عائدات الضرائب، وبشكل أساسي من أموال محوّلة من برنامج دعم الوقود. بلغت التكلفة الكلية للبرنامج خلال الفترة 2008-2009 حوالي 1.8 مليار دولار، أو حوالي 5 دولارات لكلِّ فردٍ متلقٍّ.5 أما برنامج التحويلات النقدية إلى صناديق القرى فقُدرت تكلفته بنسبة 1.2 في المائة من مجموع الميزانية المخصصة للمساعدة الاجتماعية استجابةً لجائحة كوفيد-19، البالغة 205.6 تريليون روبية إندونيسية، أو نحو 14 مليار دولار أمريكي.6
التقييم
مهما كان السياق، ليس من السهل تحقيق الاستهداف الشامل بالحماية الاجتماعية، لا سيما في بلد كبير ومتنوع كإندونيسيا. ولا بد، لتحقيقه، من توفير معلومات محدثة بانتظام عن ظروف الأسر المعيشية. واللجوء إلى فئات القياس غير المباشر للتوصل إلى الأسر المعيشية المؤهلة قد يؤدي إلى الإغفال عن العوامل المحلية المساهمة في الفقر والضعف، كالإقصاء الاجتماعي لبعض المجموعات، أو تكاليف المعيشة التي تحددها العوامل المحلية.
تظهر الأدلة من تجربة إندونيسيا لنهج الاستهداف بالاعتماد على المجتمعات المحلية أن هذا النهج لا يخلو من الإشكاليات، كإمكانية استئثار الميسورين بالأموال وإقصاء المستفيدين المؤهلين، إلا أنه يحقق مكاسب هامة، تشمل الدعم الشعبي لبرمجة الحماية الاجتماعية وحسن الاستهداف إذا ما طُبق النهج بشكل جيد. ولم يخلُ أحدث تطبيق لنهج الاستهداف بالاعتماد على المجتمعات المحلية في إندونيسيا استجابةً لجائحة كوفيد-19 من المصاعب، لكنه يُعتبر، عموماً، نهجاً ناجحاً. وفي عام 2020، أشارت التقديرات إلى أن 86.7 في المائة من الأسر المعيشية تلقت نوعاً من أنواع المساعدة الاجتماعية، وأن برنامج التحويلات النقدية إلى صناديق القرى الذي استخدم نهج الاستهداف بالاعتماد على المجتمعات المحلية كان من بين الأكثر تقدمية بين برامج التحويلات النقدية التي اعتمدتها إندونيسيا استجابةً للجائحة.7
ذلك أنّ الاستقاء من المعارف المحلية لتوجيه الاستهداف بالحماية الاجتماعية من خلال تبنّي نهج الاستهداف بالاعتماد على المجتمعات المحلية، يمكن أن يساهم في نتائج تقدمية لعملية الاستهداف، ويضفي عليها الشرعية ورضا المجتمعات المحلية.8
المراجع
- 1. World Bank, Jakarta Office, “BLT Temporary Unconditional Cash Transfer: Social Assistance Program and Public Expenditure Review 2,” World Bank, https://openknowledge.worldbank.org/bitstream/handle/10986/26698/673240WP0BLT0T00Box367866B00PUBLIC0.pdf?sequence=1&isAllowed=y.
- 2. Proxy means testing is used where information about household income cannot be easily obtained to determine social protection eligibility. Data from household surveys are used to predict household welfare based on a set of proxies such as age, number of household members, level of education and housing characteristics.
- 3. Alatas, V. et al., “Targeting the Poor: Evidence from a Field Experiment in Indonesia,” The American Economic Review 10, no. 24 (2012): p.1206-1240, https://www.aeaweb.org/articles?id=10.1257/aer.102.4.1206.
- 4. Abdul Latif Jameel Poverty Action Lab (J-PAL), “Community-based targeting to combat Covid-19-induced poverty,” 2021, https://www.povertyactionlab.org/case-study/community-based-targeting-combat-covid-19-induced-poverty.
- 5. World Bank, Jakarta Office, “BLT Temporary.”
- 6. Hebbar, M., Satriana, S. & Ammon, J., “Using social protection to respond to the COVID-19 pandemic in Indonesia,” DAI Global UK Ltd, United Kingdom, 2021.
- 7. UNICEF, UNDP, Prospera, and SMERU, “The Social and Economic Impact of COVID-19 on Households in Indonesia: A Second Round of Surveys in 2022, Jakarta, Indonesia,” 2022, https://smeru.or.id/en/publication/social-and-economic-impact-covid-19-households-indonesia-second-round-surveys-2022.
- 8. McCord, A., “Community-based targeting in the Social Protection sector,” ODI Working paper 514, 2013, http://cdn-odi-production.s3-website-eu-west-1.amazonaws.com/media/documents/11666.pdf.