تشهد كوريا الجنوبية تسارعاً في شيخوخة السكان يفرض عليها مهمتين ملحتين: ضمان الدخل الكافي وجودة الحياة بعد التقاعد، والحفاظ على القوة العاملة. في عام 2004، بدأت كوريا الجنوبية بتنفيذ برنامج لتوظيف كبار السن يؤمّن للأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 60 سنة دخلاً إضافياً للمساعدة على انتشالهم من أسر الفقر، وتعزيز مشاركتهم الاجتماعية، والمحافظة على صحتهم. في عام 2021، بلغ عدد المشاركين في البرنامج 840,000 شخص، أي 6.4 في المائة من الذين تبلغ أعمارهم 60 سنة أو أكثر. تراوح الدخل الشهري الذي حققه هؤلاء في إطار البرنامج بين 270,000 و1,961,000 وون كوري جنوبي (أي بين 209 و1,521 دولار أمريكي).1
يتيح البرنامج ثلاثة أنواع من فرص العمل:
- وظائف الخدمة العامة: تعطي الحكومات المحلية الأولوية في التوظيف للأشخاص ذوي الدخل المنخفض والمستوى التعليمي المتدني لتلبية احتياجات المجتمعات المحلية. تشمل هذه الوظائف رعاية المسنين للمسنين وصيانة المرافق العامة. يعمل المشاركون لمدة 30 ساعة في الشهر مقابل 270,000 وون كوري جنوبي (209 دولار أمريكي).
- وظائف القطاع الخاص: تتيح الحكومات المحلية الدعم للشركات الخاصة التي توظف مشاركين في البرنامج. تتراوح أجور هذه الفئة من الوظائف بين 365,000 و1,961,000 وون كوري جنوبي (أي بين 283 و1,521 دولار أمريكي)، وذلك وفقاً لعدد ساعات العمل ونوع الوظيفة.
- وظائف خدمات الرعاية الاجتماعية: في عام 2019، استحدثت الحكومة الكورية برنامجاً ثالثاً لوظائف خدمات الرعاية الاجتماعية، وذلك استجابةً لتزايد الحاجة إليها. يعمل المشاركون، بالمتوسط، حوالي 60 ساعة في الشهر، بأجور متوسطها 713,000 وون كوري جنوبي (553 دولار أمريكي).2
تتباين معايير الأهلية من فئة توظيف إلى أخرى، لكن الوظائف تتوفر، عموماً، للأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 سنة (وفي بعض البرامج، للذين تزيد أعمارهم على 60 سنة). مبدئياً، تتاح فقط وظائف الخدمة العامة للذين يقل دخلهم عن عتبة معينة (أفقر 70 في المائة من الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 سنة أو أكثر). لكن، بسبب ارتفاع عدد الطلبات على عدد الوظائف المتاحة، تعطي برامج عديدة الأولوية للأسر المنخفضة الدخل أثناء اختيار المشاركين.
التنفيذ
اعتُمِد برنامج توظيف كبار السن في عام 2004، وأُقرت أسسه القانونية في عام 2005، في قانون رفاه المسنين وفي القانون الإطاري لانخفاض معدلات الولادة في مجتمع يتجه إلى الشيخوخة. وفي العام نفسه، أُنشئ المعهد الكوري لتنمية القوى العاملة بين المسنين وهو عبارة عن وكالة حكومية تابعة لوزارة الصحة والرفاه تشرف على البرنامج وتنفّذه. وقد توسّع البرنامج باطّراد على مر السنين. ففي بداية اعتماده، لم تكن ميزانيته تسمح بتغطية سوى 35,000 وظيفة، أما في عام 2021، فبلغ عدد المشاركين فيه840,000 .3
التكلفة
يُموَّل هذ البرنامج بأموال الضرائب، وتتحمل الحكومات المحلية ما يقرب من نصف الميزانية. بلغ مجمل الميزانية في عام 2021 حوالي 2.3 تريليون وون كوري جنوبي (1.78 مليار دولار أمريكي)، أي حوالي 0.11 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.4
التقييم
حسّن البرنامج جودة حياة المشاركين فيه بطرائق شتى. ووفقاً لدراسة مفصّلة أجريت في عام 2021، قلص البرنامج الفرق بين خط الفقر النسبي الوطني (البالغ 878,591 وون كوري جنوبي أو 681 دولار أمريكي) وبين دخل المشاركين بنسبة 16 في المائة. وأظهر المشاركون أيضاً تحسينات ذات دلالة إحصائية في نوعية علاقاتهم الاجتماعية، وصحتهم البدنية والعقلية، مقارنة بالمسجلين في قائمة الانتظار للبرنامج، الذين يشبهون المشاركين في الخصائص الاجتماعية والاقتصادية. وأدى التحسن في صحة المشاركين إلى خفض التكاليف التي يتكبدونها من جيوبهم الخاصة مقابل الخدمات الطبية، التي تبلغ حوالي 700 مليون وون كوري جنوبي (543 ألف دولار أمريكي) سنوياً. وخلصت دراسات عديدة إلى أن نسبة التكلفة إلى المكاسب (وهي مؤشر يلخص قيمة المشروع مقابل تكاليفه) تبلغ 1.35~1.79. وحيث تزيد النسبة على 1، فهذا يدل على كفاءة من حيث التكلفة.5
تمتع البرنامج بدعم واسع النطاق. ففي عام 2019، قدم أكثر من 600,000 شخص طلبات للمشاركة في برنامج العمل في الخدمات العامة، وُضع 100,000 منهم على قائمة الانتظار بسبب القيود على الميزانية.6 وعلى الرغم من أن الحكومة المحافظة المنتخبة حالياً أعلنت عن خفض تمويل برامج التوظيف المدعومة حكومياً التي تستهدف السكان في سن العمل، فقد زادت من تمويل هذا البرنامج اعترافاً منها بأهميته.
لا يزال البرنامج يواجه تحديين رئيسيين. يتعلّق الأول بصغر ميزانيته وانخفاض مستويات الأجور. ورأت بعض منظمات المجتمع المدني أن الحكومة يجب أن توسع البرنامج بشكل كبير، وتزيد مستويات الأجور بحيث تحدث تغييراً مجدياً في معدلات الفقر الوطنية، للأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 60 سنة.7 يتعلّق التحدي الثاني بنوعية الوظائف، لأنها، بمعظمها، للعمال ذوي المهارات المنخفضة. وبينما يصل جيل الطفرة السكانية، أي الذين وُلدوا في ستينات القرن الماضي، والذين لديهم مستويات تعليم أعلى، إلى عمر الستين، قد تبرز الحاجة إلى إتاحة وظائف ذات نوعية أعلى يستخدمون فيها مهاراتهم وخبراتهم.
المراجع
- 1. Korea Labor Force Development Institute for the Aged, “2021 Senior Employment and Social Participation Support Program Statistics,” 2022.
- 2. Ibid.
- 3. Office of the President, Republic of Korea, “Moon Jae-in Chŏngbu Kukchŏngbaeksŏ, vol. 6, [The Moon Jae-in Government White Paper],” Office of the President, Republic of Korea, 2022.
- 4. Korea Labor Force Development Institute for the Aged, “2021 Senior Employment.”
- 5. Mun-Jung Kim et al., “2021 Noin Ilchari Saŏp Chŏngch’aek’yogwa Punsŏkyŏn-Gu [2021 Analysis on the Effectiveness of the Senior Employment Program],” Korea Labor Force Development Institute for the Aged, 2022.
- 6. Bo-Kyung Kim, Min-Young Kim, and Se-hee Jang, ‘“Taegijaman 10Manmyŏng” Noin Ilcha-Ri Tullŏssan Chŏngbu Dilemma ["100,000 People on the Waiting List" the Government’s Dilemma on the Senior Employment Program],” Asia Kyungjae, 2 September 2019.
- 7. Nam Ki-cheol, “Noinilcharisaŏp: Noinŭi Ilgwa Hwal-dong, Kŭrigo Sodŭk [Senior Employment Program: Work, Participation, and Income of the Elderly],” People’s Solidarity for Participatory Democracy, 2023, https://www.peoplepower21.org/welfarenow/1926398.
- 8. "現役で活躍するシニアビジネスマン," © Adobe Stock/maroke