Back to Home العربية
NYU Pathfinders logo
تعويض ضحايا النزاع المسلح: كولومبيا

تدابير كولومبيا لتعويض ضحايا النزاع المسلح وإعادة الأراضي إلى أصحابها

6 يونيو 2023
تأليف: لورا ماريا روخاس موراليس

سنّت الحكومة الكولومبية في عام 2011 “قانون تعويض الضحايا وإعادة الأراضي إلى أصحابها” (القانون 1448) لضمان حقوق ضحايا النزاع المسلح في الحصول على الحقيقة، والعدالة، والتعويض، وعدم تكرار ما تعرضوا له. وفي عام 2022، أفادت كولومبيا بوجود 9.4 مليون من ضحايا العنف المرتبط بالنزاع، منهم أكثر من أربعة ملايين من المشردين داخلياً. ويسهّل القانون اتخاذ التدابير الفردية والجماعية من أجل المساعدة الإنسانية، وإعادة الأراضي المهجورة أو المسروقة، وتعويض الضحايا تعويضاً تاماً. وكان من المفترض أن يسري في الأصل لعشر سنوات (2011-2021) لكنه مُدِّد لعشر سنوات أخرى في عام 2021.

بدأ النزاع المسلح في كولومبيا في أوائل ستينيات القرن العشرين، ويُعدّ أحد أطول النزاعات في أمريكا اللاتينية. وانخرطت فيه عدة جماعات مسلحة، بما فيها الدولة، وجماعات حرب العصابات، والجماعات شبه العسكرية. وحتى عام 2018، تسبب العنف المرتبط بالنزاع في مقتل أكثر من 450,000 شخص (81 في المائة منهم مدنيون)،1 وفي سرقة أو هجرة نحو 8 ملايين هكتار من الأراضي،2 ونزوح أكثر من 6 ملايين شخص داخلياً، والإبلاغ عن 191,206 أشخاص في عداد المفقودين.3

وأَقر القانون رقم 1448 لعام 2011 “تعويض الضحايا وإعادة الأراضي” بحقوق ضحايا النزاع المسلح في الحصول على الحقيقة، والعدالة، والتعويض، وعدم تكرار ما تعرضوا له.

وتدابير التعويض التي ينص عليها القانون هي:

  • إعادة الأراضي إلى مالكيها الريفيين الذين حرموا منها أو أجبروا على هجرها. وهو يقتضي إعادة المشردين داخلياً إلى أراضيهم وإضفاء الطابع الرسمي على حقوق ملكيتهم لها.
  • التعويض النقدي للضحايا لمساعدتهم على إعادة بناء حياتهم. ويعتمد مبلغ التعويض (المحسوب بالحد الأدنى للأجور الشهرية) على الجريمة التي تعرّض لها الضحية.
  • تدابير الترضية لاستعادة كرامة الضحايا من خلال إعادة بناء الحقيقة والذاكرة التاريخية، والإقرار بالمسؤوليات وأعمال الصفح العام، وتسليم جثث الضحايا المختفين قسراً إلى أسرهم، ودعم المبادرات المحلية لأعمال الذاكرة وإحياء الذكرى.
  • تدابير إعادة التأهيل، مثل الرعاية الطبية والنفسية.
  • ضمانات بعدم تكرار العنف في سياق النزاع المسلح، تشمل التدابير التي تتخذها الدولة تجاه المجتمع ككل. ومن الأمثلة على ذلك تنفيذ الإصلاحات المؤسسية لبناء السلام واستعادة الديمقراطية.

وتتوخى جميع التدابير اتباع “نهج تفاضلي” أي المبادئ التوجيهية والإجراءات التي تضمن حماية الفئات الضعيفة ولا سيما النساء، والأطفال، والمجموعات الإثنية، وكبار السن، والأشخاص ذوي الإعاقة.4< >والضحايا الذين يشملهم القانون هم أولئك الذين عانوا فردياً أو جماعياً، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، من انتهاكات حقوق الإنسان وانتهاكات القانون الإنساني الدولي اعتباراً من 1 كانون الثاني/يناير 1985. ويحق أيضاً للضحايا المعترف بهم قبل هذا التاريخ الحصول على تدابير الترضية والضمانات المتعلقة بعدم التكرار المبينة أعلاه.5
ولمزيد من التفاصيل حول تدابير التعويض، يُرجى النقر هنا.

التنفيذ

جاء القانون ثمرة عقود من النضال والتعبئة من قبل جمعيات الضحايا، والأوساط الأكاديمية، والقادة الاجتماعيين، والمدافعين عن حقوق الإنسان. وقد يسّرت سنَّ القانون الظروفُ السياسية المواتية في عام 2011، عقب اعتراف الرئيس السابق خوان مانويل سانتوس علناً بالنزاع المسلح وضحاياه.6 كما مثّل “قانون العدالة والسلام” لعام 2005 7 سابقةً حيث سمح للجهات الفاعلة المسلحة بالمشاركة في عملية بديلة لتحقيق العدالة الجنائية وأنشأ لجنةً معنيةً بالتعويض والمصالحة حقّقت في أسباب العنف وقدّمت تعويضات مالية للضحايا المستحقين.8

ولتيسير تنفيذ القانون، تم إنشاء “النظام الوطني لرعاية الضحايا وتعويضهم” (الساري المفعول حتى عام 2031) الذي يُعنى بتنسيق البرامج والكيانات العامة ذات الصلة. وقد أُنشئت، بموجب هذا النظام، ثلاث مؤسسات هي: الوحدة المعنية بإعادة الأراضي، والوحدة المعنية بالضحايا،9 والمركز الوطني للذاكرة التاريخية.10

وقد حُددت فترة سريان قانون عام 2011 بعشر سنوات، لكنها مُدّدت في عام 2021 حتى عام 2031 بسبب أوجه القصور في التنفيذ، والعدد المتزايد من الضحايا،11 ونقاط التلاقي مع اتفاقية السلام لعام 2016 بين القوات المسلحة الثورية الكولومبية، أكبر جماعات حرب العصابات في كولومبيا، والحكومة،12 والتي تضمنت أيضاً تدابير تتعلق بضحايا النزاع، مثل الإصلاح الريفي الشامل و”النظام المتكامل للحقيقة، والعدالة، والتعويض، وعدم التكرار”.13

التكلفة

على الرغم من شح المعلومات عن التكلفة الإجمالية، فقد استثمرت الحكومة الكولومبية نحو 135.5 مليار بيسو كولومبي (نحو 29.8 مليون دولار أمريكي) بين عامي 2012 و2021 (الميزانية العامة للبلد).

التقييم

اعتُبر القانون أحد أكثر القوانين طموحاً واحتراماً لحقوق الضحايا في العالم.14 فقد تحقق، خلال العقد الأول من تنفيذه، بفضل النظام الوطني لرعاية الضحايا وتعويضهم ما يلي:15

  • إنشاء سجل وطني للضحايا. وقد بلغ مجموع عدد الضحايا المسجلين 9,446,572 شخصاً بحلول عام 2022. ويعد السجل أساسياً لتنفيذ برنامج التعويضات،16 لأنه يحدد سمات الضحايا، وظروفهم، والتعويضات التي يحق لهم الحصول عليها.17
  • إقرار القانون بحق المنظمات السياسية والمجتمعات المحلية القائمة على ثقافات أو مواقع أو أغراض مشتركة في الحصول على تعويضات جماعية. وفي العقد الأول، تلقى 28 من المجتمعات المحلية والجماعات تعويضات من خلال التنفيذ الكامل لخططها الجماعية الشاملة المنسقة.18
  • قيام الحكومة، فيما يخص إعادة الأراضي إلى أصحابها، بإنشاء مكاتب ومحاكم في جميع مقاطعات البلد تقريباً،19 شملت 950 بلدية (80 في المائة من البلد).20
  • إحراز تقدم في إعادة بناء ذاكرة النزاع المسلح، وأسبابه، وأبعاده. وبحلول عام 2020، قام المركز الوطني للذاكرة التاريخية بنشر أكثر من 13 تقريراً للإسهام في بيان الحقيقة حول ظاهرة الجماعات شبه العسكرية، وجمع أكثر من 13,000 شهادة، وتعزيز أرشيف الذاكرة التاريخية. كما أُحرز تقدم في إنشاء متحف وطني للذاكرة، لكنه لم يُفتتح بعد.21
  • تقديم المساعدة الإنسانية لأكثر من 142,000 ضحية؛ وحصول 1,163,650 شخصاً على تعويضات اقتصادية؛ وحصول أكثر من 250,000 شخص على الرعاية النفسية والاجتماعية.22

غير أن النظام لا يزال يواجه تحديات عديدة. ولم يبتّ القضاة إلّا في 9 في المائة من دعاوى استعادة الأراضي التي قدمها الضحايا. ووفقاً للحسابات التي أجرتها الدولة، سيستغرق تعويض جميع الضحايا 50 سنة أخرى، إذا واصل النظام عمله بالوتيرة نفسها.23 وكثيراً ما يفتقر الضحايا لفهم كامل لحقوقهم.24 وتتمثل الصعوبات الرئيسية في نقص التمويل وفي استمرار النزاع والعنف في البلد.25 كما فشلت الدولة في حماية المطالِبين باستعادة أراضيهم، حيث تضاعف ما تعرضوا له من عمليات قتل وتهديد بمقدار ثلاث مرات – ففي عام 2013، أي بعد عامين فقط من إقرار القانون، أفاد أكثر من 500 من المطالِبين باستعادة أراضيهم بأنهم يواجهون تهديدات. فحسب “معهد دراسات التنمية والسلام” (Indepaz)، قُتل ما مجموعه 1,466 من القادة الاجتماعيين في كولومبيا منذ عام 2016، كان بعضهم قادة دافعوا عن أراضيهم ومناطقهم.26 لكن لا تزال هناك تباينات وقلة في البلاغات عن الهجمات التي استهدفت على وجه التحديد المطالِبين باستعادة أراضيهم طوال العقد الماضي.27 كما حال وجود جماعات مسلحة تسعى إلى تعزيز سيطرتها على الأراضي الاستراتيجية وطرق تهريب المخدرات، وأطراف أخرى مهتمة بالأعمال التجارية الزراعية وأنشطة التعدين، دون عودة الضحايا إلى أراضيهم.28 لكن تتاح فرص جديدة للمضي قدماً في تنفيذ القانون بفضل تمديده الذي جرى مؤخراً وتنفيذ اتفاق السلام الموقع في عام 2016.

معلومات إضافية

للتعويض طريقتان:

  • التعويضات الفردية وتشير إلى الرعاية الشخصية لضحايا النزاع المسلح (الأفراد وأسرهم)؛
  • التعويضات الجماعية وتشير إلى التدابير الجماعية الموجهة نحو المجتمعات المحلية، والجماعات الإثنية، والمنظمات، والحركات الاجتماعية التي عانت من أضرار جماعية ناجمة عن النزاع المسلح. وتُنفَّذ هذه التعويضات من خلال خطط التعويضات الجماعية، وهي تدابير منسقة مع الجماعات أو المجتمعات المحلية لاستعادة النسيج الاجتماعي، واستعادة الثقة، وإعادة بناء المشاريع المجتمعية.29

وتشمل كلتا الطريقتين خمسة أنواع من تدابير التعويض المتكاملة: التعويض؛ والضمانات بعدم التكرار؛ والترضية؛ وإعادة الحقوق؛ وإعادة التأهيل. وترمي التدابير إلى النظر في احتياجات الأفراد أو الجماعات وسماتهم ومصالحهم الخاصة استناداً إلى الضرر الذي سببه النزاع المسلح لهم ونوع لحدث الذي آذاهم.

المراجع

وسوم