Back to Home العربية
NYU Pathfinders logo
حقوق الشعوب الأصلية في أراضيها: البرازيل

حقوق الشعوب الأصلية الدستورية في أراضيها في البرازيل

6 يونيو 2023
تأليف: سمفوني تشاو

حقوق الشعوب الأصلية معترف بها اتحادياً بموجب الدستور البرازيلي الصادر في عام 1988. وتنص المادة 231 منه صراحةً على حماية حقوقهم في الأراضي وترسيم حدودها (حيث تقتضي صراحة تحديد حدود الأراضي والممتلكات وتعيين الملكية). ويقدر عدد أبناء الشعوب الأصلية في البرازيل بنحو 900,000 شخص، وتمثل أراضيهم المحددة جزءاً كبيراً من المساحة الكلية للبلد. وتعدّ المادة 231 وولايتها مهمتان لتقرير مصير الشعوب الأصلية، ودفع التعويضات عن قرون من الاستعمار، وحفظ البيئة.

تمثل أراضي الشعوب الأصلية المحددة نحو 13 في المائة من المساحة الكلية للبرازيل، أي ما يعادل نحو 106.7 مليون هكتار، وهي تتركز أساساً في منطقة الأمازون، وتنتشر على 462 أرضاً من الأراضي المختلفة المعترف بها.1 وخلال سبعينيات القرن العشرين، قامت حركة سياسية تعنى بحقوق الشعوب الأصلية، نظمها تحالف لحقوق الشعوب الأصلية يضم منظمات غير حكومية محلية ودولية، ونشطاء وسياسيين يساريين، بإبراز صورة قضايا الشعوب الأصلية والبيئة. وتُوّجت عقود من النضال من أجل الاعتراف داخل البلد، مقترنةً بحملة مناصرة دولية، بدستور عام 1988 الذي يعترف بأن الشعوب الأصلية تمثل سكان البرازيل الأصليين.

وتقر المادة 231 من دستور عام 1988، على وجه التحديد، بأبناء الشعوب الأصلية بوصفهم المالكين الأوائل والطبيعيين للأراضي وتضمن حقهم فيها.2 ويكلف الدستور الحكومة الاتحادية بترسيم حدود الأراضي، وتوفير ضمان رسمي وحماية قانونية لها، وبذل الجهود للحفاظ على أراضي الشعوب الأصلية التقليدية من خلال إجراءات قانونية رسمية لحيازة الأراضي. ومنذ عام 1988، تعهدت البرازيل بمزيد من الالتزامات الدولية بشأن السيادة على أراضي الشعوب الأصلية، بما في ذلك كونها إحدى الجهات الرئيسية الداعمة والموقعة على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 169 لعام 1989 بشأن حقوق الشعوب الأصلية والقبلية 3 وإعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية (UNDRIP) في عام 2007 .4

التنفيذ

تشرف على ترسيم أراضي الشعوب الأصلية على المستوى الاتحادي “المؤسسة الوطنية للشعوب الأصلية” (FUNAI)، المنضوية تحت وزارة العدل. وقد مرّت عملية ترسيم الحدود بعدة تحديثات؛ وجرى آخرها بموجب المرسوم 22 في 4 شباط/فبراير 1991، وتضمن سبع مراحل: البحث؛ والاكتشاف؛ والنزاعات؛ والإعلان الوزاري؛ والترسيم المادي؛ والتصديق؛ والتسجيل. ولا يتضمن المرسوم 22 توجيهات بشأن عملية الموافقة فحسب، بل ينص أيضاً على ضرورة إعادة توطين شاغلي الأرض من غير سكانها الأصليين (إن وجدوا).5 وبعد حصول إقليم ما على وضع ترسيم الحدود، يقيد وصول الغرباء إلى أراضيه.

وخلال رئاسة جاير بولسونارو (2019-2022)، تم نقل عملية صنع القرار حول ترسيم حدود أراضي الشعوب الأصلية إلى وزارة حقوق الإنسان والأسرة والمرأة المنشأة حديثاً ووزارة الزراعة. ثم تم التراجع عن الأمر التنفيذي بفعل ضغط الكونغرس لإبقاء المؤسسة تحت ولاية وزارة العدل في أيار/مايو 2019 .6 وتعتزم الحكومة المنتخبة حديثاً (2023) إعادة بناء المؤسسة واستئناف عمليات ترسيم الحدود المتوقفة، إلى جانب أولويات أخرى لتلبية احتياجات 900,000 من أبناء الشعوب الأصلية في البرازيل.7

التكلفة

تظهر البيانات المتاحة عن ميزانية المؤسسة الوطنية للشعوب الأصلية التي تعود لعام 2018 أن ميزانيتها تبلغ نحو 600 مليون ريال برازيلي (111 مليون دولار أمريكي) سنوياً، مع توزيع نفقاتها بين الفئات التالية (من الكبرى إلى الصغرى): الإدارة العامة؛ ومساعدة الشعوب الأصلية؛ والرسوم الخاصة؛ والتوحيد القياسي والتفتيش؛ وحماية العمال وإعاناتهم؛ من بين جملة أمور أخرى. غير أن الميزانية لم تُستخدم بالكامل على مر السنين.8 وتظهر البيانات الحالية لعام 2023 أن المؤسسة تخصص 90,000 ريال برازيلي (18,038.24 دولاراً أمريكيا) لمشاريع ترسيم الحدود، أي ما يعادل 0.001 في المائة من الميزانية الاتحادية لعام 2023 .9 وقد دعت الوزيرة الجديدة المسؤولة عن المؤسسة الوطنية للشعوب الأصلية جوايينا وابيخانا (Joenia Wapichana)، في مقابلة مع موقع “إنفو أمازونيا” (InfoAmazonia)، صندوق الأمازون ومصادر التمويل الأخرى لزيادة ميزانية الترسيم الحالية.10

التقييم

إن تعزيز الاعتراف على المستوى الاتحادي بأراضي الشعوب الأصلية وترسيمها لا يوفر منافع ثقافية وروحية فحسب، بل يعزز أيضاً الحقوق الأخرى لأبناء الشعوب الأصلية الذين يواجهون تفاوتات اجتماعية وبيئية واقتصادية وعرقية غير متناسبة، بما في ذلك الحصول على الغذاء، والأمن، والصحة، والتعليم، والعدالة. وعلى سبيل المثال، خلصت دراسة بيئية أجريت عام 2023 إلى أن مَنح حقوق الحيازة الرسمية لأراضي أبناء الشعوب الأصلية – من خلال ترسيم حدودها وضمان تمتعهم بالإشراف القانوني الكامل عليها – يحد من إزالة الغابات ويزيد من إعادة التحريج في غابة المحيط الأطلسي، وهي منطقة تعاني بوجه خاص من معدلات عالية لإزالة الغابات. كما أظهرت دراسات أحدث عهداً أن حقوق أبناء الشعوب الأصلية في أراضيهم التقليدية وسيادتهم عليها ترتبط ارتباطاً إيجابياً بالحفاظ على الطبيعة.11

فعلى الرغم من الزخم الذي شهدته عملية ترسيم الحدود منذ دخول الدستور حيز التنفيذ في عام 1988 حتى عام 2016، لا تزال هناك 871 أرضاً من أراضي الشعوب الأصلية لم تحظ بالاعتراف الرسمي بعد.12 وقد تم منذئذ توسيع أو تقليص حقوق الشعوب الأصلية المحمية في الدستور في مراحل مختلفة، تبعاً للإدارات الحاكمة. فقد توقف التقدم إلى حد كبير مثلاً عندما تم عزل الرئيسة السابقة ديلما روسيف. كما لم تعط، في ظل إدارة الرئيس السابق ميشيل تيمار (2016-2018)، سوى موافقة واحدة فقط على أراضي الشعوب الأصلية عُلِّقت في نهاية المطاف بقرار قضائي. أما إبّان إدارة بولسونارو (2019-2022)، فلم يقتصر الأمر على عدم إعطاء أي موافقات جديدة على الأراضي، بل تفشّت أنشطة التعدين والأعمال التجارية الزراعية غير القانونية،13 ناهيك عن العنف المرتبط بالنزاع على الأراضي وإزالة الغابات.14 وثمة الآن ضغوط على الرئيس المنتخب حديثاً لويس إيناسيو لولا دا سيلفا للوفاء بتعهدات حملته الانتخابية، ومنها الالتزام بسيادة الشعوب الأصلية من خلال ترسيم حدود أراضيها. ويشمل ذلك الدعوة التي وجهها أبناء الشعوب الأصلية ونشطاء حقوق الإنسان من أجل العمل على ترسيم “13 أرضاً من أراضي الشعوب الأصلية الجديدة التي اجتازت جميع الخطوات التنظيمية ولا تتطلب سوى موافقة رئاسية لتصبح رسمية”.15 (معلومات محدثة حتى 28 نيسان/أبريل 2023: أعلن الرئيس لولا عن ترسيم حدود ست أراضٍ من أراضي الشعوب الأصلية كخطوة أولية في الوفاء بتعهدات حملته الانتخابية).16 ويشدد المنتقدون أيضاً على الحاجة إلى تعزيز تنفيذ المادة 231 في الممارسة العملية، واستخدام أساليب الاحتجاج مثل “احتلال الأراضي والمظاهرات الاجتماعية” لاستعادة الأراضي التقليدية عند بطء العملية الرسمية جراء كوابح إما الشركات الخاصة (الأعمال التجارية الزراعية في المقام الأول) أو الدولة.17

المراجع

وسوم