في عام 2004، أقرّت المغرب إصلاحاً لقانون الأسرة المعروف بالمدوّنة. تسمح المدوّنة بتوسيع نطاق حقوق المرأة وحمايتها فيما يتعلّق بالزواج، والطلاق، وحضانة الأطفال، والميراث، ولا سيّما أن القانون الجديد يعزّز مبادئ العدالة والمساواة بين الرجل والمرأة.
وقبل إصلاح عام 2004 ، كان قانون الأسرة السابق (أي المدوّنة) مجحفاً للغاية في حقّ المرأة، بسبب عدم المساواة في الحقوق في الزواج، والطلاق، وحضانة الأطفال، والميراث. فكانت المرأة تُعتبر خاضعةً لأعضاء أسرتها الذكور، ولم يُعتبر وصولها إلى التعليم أولويةً، وكانت أحياناً تُجبر على ترك الدراسة مبكراً لتتزوّج. وكان العنف القائم على النوع الاجتماعي منتشرًا. فساهمت المدوّنة في ترسيخ النظام الأبوي في المغرب.
تنصّ المدوّنة الجديدة على المساواة بين الجنسين في الزواج وتربية الأطفال، وتضع حدًّا لوصاية أعضاء الأسرة الذكور على المرأة. وحققت المدوّنة تقدّماً في مجالات أساسية أخرى منها :1
- رفع سنّ الزواج من 15 إلى 18 عاماً للرجال والنساء.
- فرض قيود على ممارسة تعدد الزوجات.
- منح المرأة الراشدة حق الوصاية أو السلطة على نفسها (كانت المرأة تخضع سابقاً لوصاية أبيها أو زوجها).
- منح المرأة الحقّ في تقديم طلب للطلاق.
- منح الوالديْن حقوق متساوية في حضانة الأطفال.
- الاعتراف بالأطفال المولودين خارج إطار الزواج وتسهيل عملية إثبات أبوّتهم.
- تجريم العنف الأسري، بما فيه الاعتداء الجسدي والنفسي والجنسي.2
- حذف اللغة المهينة للمرأة من المدوّنة السابقة.
التنفيذ
في عام 1992 ، أطلق اتحاد العمل النسائي حملة المليون توقيع الهادفة إلى جمع مليون توقيع (مجموع عدد السكان 25 مليون شخص) للضغط على الحكومة من أجل إصلاح المدوّنة. حقق الاتحاد هدفه وجمع أكثر من مليون توقيع، ما أدّى إلى إصلاح مدوّنة الأحوال الشخصية الذكورية والقديمة لتصبح ما يُعرف اليوم بمدوّنة الأسرة المغربية لعام 2004 .3
المغرب ملكية دستورية لا يزال الملك يحظى فيها بنفوذ هائل. وقد أدّى الملك محمد السادس دوراً محفّزاً في حشد الدعم لإصلاح المدوّنة عبر استخدام منصّته لمناصرة المساواة بين الجنسين وإضفاء الشرعية على حقوق المرأة في إطار جميع الأديان.4
وفي عام 2001 ، أنشأ الملك محمد السادس لجنة ملكية لصياغة مدوّنة الأسرة تضمّنت خبراء حداثيين وتقليديين بهدف مراعاة الرأي الشعبي في القانون النهائي. وفي شباط/فبراير 2004 ، اعتمد البرلمان مدوّنة الأسرة الجديدة (أو المدوّنة) بالإجماع.
وفي عام 2007 ، أنشئت وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، وكان من أهدافها تنفيذ مدوّنة الأسرة الجديدة. وفي عام 2012 ، أنشئت وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية وأعطت الأولوية في عملها لحقوق المرأة.5 اعتمدت الوزارة الحديثة المنشأ خطة حكومية للمساواة بين الجنسين (إكرام) مدتها أربعة أعوام 2012-2016، فخطة حكومية ثانية للمساواة (إكرام 2) للفترة 2017-2021 .6
التكلفة
لم يحدّد المؤلّف أي معلومات عن التكاليف المرتبطة بمدوّنة الأسرة.
التقييم
جاء في تقييمات معهد التنمية الخارجية7 ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا8 أنّ مدوّنة الأسرة هي من أكثر القوانين تقدّماً في المنطقة العربية. وأصبحت المغرب، على مؤشر منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي للمؤسسات الاجتماعية والمساواة بين الجنسين البلد الثاني الأكثر ليبراليّةً في معاملة المرأة بعد تونس، ومن بين بلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الستّة*. وما إصلاح مدوّنة الأسرة إلا واحد من سلسلة إصلاحات قائمة على النوع الاجتماعي للنهوض بالمساواة بين الجنسين في المغرب.
وبكشل عام، أظهرت المغرب نتائج إيجابية في تعزيز المساواة بين الجنسين على مستوى الأسرة. لكن، نظراً إلى طبيعة مدوّنة الأسرة، يصعب الجزم بأنّ للمرأة دور أكبر في هيكليات الأسر، وبأنها مخوّلة حلّ الزواج غير السعيد، وبأنّ إمكانية حصولها على الميراث زادت. وتسجّل المغرب اليوم واحداً من أدنى معدّلات الخصوبة في المنطقة، في مقابل انخفاض معدل وفيات الأمومة بنسبة الثلثين خلال عقدين من الزمن فقط.9 ويرتبط المعدّلان بزيادة السن المتوسطة لدى الزواج،10 وتعزيز وضع المرأة الاجتماعي الاقتصادي، واستخدام وسائل تنظيم الأسرة.11 ويبدو أيضاً أنّ الرأي الشعبي توجّه نحو تأييد المساواة بين الجنسين في إطار الأسرة.12 وعلى الرغم من أنّ النتائج ليست مثالية، يشير الباروميتر العربي إلى أنّ نصف المغاربة يؤمنون بأنّ القرار النهائي يعود لرجل الأسرة، وهذه النسبة هي دون النسب المسجّلة في مسوحات سابقة، ودون نسب العديد من بلدان المنطقة. ويشير التقرير أيضاً إلى أنّ أغلبية المغاربة، رجالاً ونساءً، لاحظوا أنّ نسبة العنف القائم على النوع الاجتماعي انخفضت أو ظلّت على حالها، ولا سيّما خلال الجائحة حين ازدادت حدّة التوتّرات الأسرية.13
إلّا أن عدم فهم مدوّنة الأسرة بشكل كافٍ ومعدلّات الأميّة المرتفعة عند النساء، لا سيّما في المناطق الريفية، إضافةً إلى التنفيذ المحدود، عوامل منعت النجاح التامّ لهذا القانون.14 إضافةً إلى ذلك، إنّ الأعراف الثقافية المدرجة ضمن القانون قد سمحت باستمرار ممارستيْ الزواج المبكر وتعدّد الزوجات؛ وعلى الرغم من أن تلك المماراسات اعتيادية، فهي تحدّ من تحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين. وعلى سبيل المثال، يسمح القانون بأن توافق المحاكم على الزيجات المبكرة (بين سنّ 15 و18 عاماً) في حالات استثنائية أو أن يُسجَّل الزواج متأخّراً، وتمّ اللجوء إلى هذين البندين للاستمرار في مارسة الزيجات المبكرة.15 علاوةً على ذلك، انخفضت نسبة الفتيات المتزوجات مبكراً ببطء من 13 في المائة في عام 2011 (أوّل البيانات المتوفّرة القابلة للمقارنة) إلى 11 في المائة في عام 2022، ما يتيح مجالاً واسعاً للتحسين. كذلك، وعلى الرغم من أنّ ممارسة تعدّد الزوجات قُيّدت، لم تُمنع بالكامل وما زالت مسموحة طالما تُعامل جميع الزوجات على قدم المساواة، ويوافقن جميعهن على وجودهن في زواج تعددي، ويكون الرجل قادراً على دعم عدّة زوجات مالياً. وعلى الرغم من أنّ العنف القائم على النوع الاجتماعي غير قانوني، لا يزال 30 في المائة من النساء في المغرب يواجهنه في حياتهنّ (وعلى الرغم من أنّ هذه النسبة ستنخفض ببطء بما أنّها تشمل جميع حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي على مرّ تاريخ البلد، يشير الباروميتر العربي إلى انخفاض محتمل في نسبة العنف القائم على النوع الاجتماعي).16
معلومات إضافية
في عام 2011 ، أكدّ إصلاح للدستورعلى المساواة في حقوق النساء والرجال وحظر كافة أشكال التمييز، بما في ذلك التمميز القائم على نوع الجنس.
ولجأت حكومة المغرب إلى الميزنة المصنّفة بحسب النوع الاجتماعي، حيث تُصنّف جميع النفقات بحسب التأثير على النوع الاجتماعي. في عام 2006 ، وُضعت الميزنة المراعية للمنظور الجنساني في وزارات المالية، والصحّة، والتعليم، والزراعة قيد التجربة، وصيغ بيان ميزانية مراعية للمنظور الجنساني أو تقرير عن كيفية مراعاة الموازنة للمنظور الجنساني سنوياً منذ عام 2006 وعُرضت هذه الوثائق كمرفقات لمشروع قانون المالية.17
وكان لتوجّه المغرب نحو الديمقراطية نتائج متباينة بالنسبة للنساء. وفي حين سمح ذلك بمشاركة سياسية أكبر للمرأة ويدعو إلى تعزيز المساواة بين الجنسين، فقد شهد أيضاً صعود حزب إسلامي معتدل إلى السلطة – حزب العدالة والتنمية – الذي يعارض التقدم في مجال حقوق المرأة.18
Photo: ©Adobe Stock/Max Peikert
* غطت دراسة المؤسسات الاجتماعية ومؤشر النوع الاجتماعي ستة بلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: مصر، العراق، المغرب، تونس، سوريا، واليمن.
المراجع
- 1. EuroMed Rights, “The Moroccan Family Code “Moudawana,” 2012, https://euromedrights.org/publication/the-moroccan-family-code-moudawana.
- 2. European Institute of the Mediterranean, “Repercussions of the Reform of the Family Code in Morocco," 2021, https://www.iemed.org/wp-content/uploads/2021/05/Repercussions-of-the-Reform-of-the-Family-Code-in-Morocco.pdf.
- 3. Centre for Public Impact, “Reforming Moroccan family law: the Moudawana,” 2016, https://www.centreforpublicimpact.org/case-study/moroccan-moudawana-reform.