Back to Home العربية
NYU Pathfinders logo
نظام الإحالة الوطني لضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي: دولة فلسطين

نظام الإحالة الوطني لضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي في دولة فلسطين (2013 – مستمر)

18 سبتمبر2023
تأليف: رباب حطيط
الإسكوا

وسط الارتفاع الشديد في معدل انتشار العنف القائم على النوع الاجتماعي، نجحت الحكومة الفلسطينية في تنظيم خدمات الحماية لضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي من خلال إنشاء نظام إحالة وطني يوفر مأوى للضحايا يحميهنّ من المعتدين. يوفر نظام الإحالة الوطني نهجاً شاملاً لدعم ضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي من خلال تزويدهن بالخدمات الصحية والاجتماعية والقانونية والأمنية.

في عام 2011، أشار مسح العنف الأسري إلى أن 37 في المائة من النساء في دولة فلسطين كن ضحايا للعنف القائم على النوع الاجتماعي في العام السابق: 30 في المائة في الضفة الغربية و51 في المائة في قطاع غزة.1 وإزاء القلق من ارتفاع معدلات العنف القائم على النوع الاجتماعي الذي تتعرض له النساء، أطلقت الحكومة الاستراتيجية الوطنية لمكافحة العنف ضد المرأة (2019-2011) في دولة فلسطين. تقدم الاستراتيجية إطاراً سياسياً شاملاً يوجّه الإجراءات المتخذة على جميع المستويات نحو منع العنف ضد النساء والفتيات وتلبية احتياجات الضحايا بنجاح. وتلحظ الاستراتيجية اعتماد نظام إحالة وطني يتألّف من مجموعة من المبادئ التوجيهية التي تنسّق عمل المؤسسات الصحية والاجتماعية والقانونية ومؤسسات الشرطة على تقديم الدعم لضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي، بما في ذلك من خلال تبادل المعلومات وتقديم الخدمات.2

ويُتيح نظام الإحالة الوطني للنساء ضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي الوصول إلى المآوي المخصصة لهذه الحالات. ويفصّل النظام مسؤوليات ثلاثة قطاعات في حماية ورعاية النساء ضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي اللواتي يلجأن إلى المآوي، وينظم عملية التنسيق فيما بينها:

  • قطاع الصحة الذي يشمل الأخصائيين الصحيين والأطباء والمؤسسات الطبية.
  • القطاع الاجتماعي الذي يشمل مآوي النساء والمرشدين وعلماء النفس.
  • قطاع الشرطة الذي يشمل وحدات حماية الأسرة والشرطة القضائية، وكذلك التنسيق مع مكتب النائب العام ووزارة الشؤون الاجتماعية.3

يمكن لأي فرد أو مؤسسة إحالة إحدى ضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي إلى مآوي النساء من خلال نظام الإحالة الوطني، ولكن وزارة الشؤون الاجتماعية هي التي تعطي الموافقة على الإحالة النهائية. وبمجرد الموافقة على الإحالة، تُقبل الضحية في مأوى وتُقدم لها الخدمات الصحية والاجتماعية والقانونية، بما يتماشى مع أحكام نظام الإحالة الوطني.4

وتعرّف الاستراتيجية المأوى بأنه مرفق سكني يوفر تدخلات قصيرة الأجل للنساء والأطفال الذين يتعرضون للعنف، أو يواجهون خطراً كبيراً للتعرض العنف، أو يحتاجون إلى الحماية.5 وتقدم الملاجئ المذكورة المشورة والدعم النفسي والخدمات القانونية وجلسات التوعية بالعنف القائم على النوع الاجتماعي، كما توفّر إعادة التأهيل من خلال تدريب النساء على الحرف اليدوية.6

وليست كل النساء مؤهلات لتلقي الدعم من نظام الإحالة الوطني، إذ تُستبعد المشتغلات بالجنس ومدمنات المخدرات بسبب التعقيدات القانونية، والنساء اللواتي يعانين من مشاكل صحية خطيرة وذوات الإعاقة بسبب نقص الموارد لتلبية احتياجاتهن الخاصة. وتتوفر ثلاثة مآوي للنساء ضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي في الضفة الغربية: مركز حماية وتمكين المرأة والأسرة (محور) في بيت لحم، ومركز طوارئ أريحا، والبيت الآمن في نابلس،7 واثنان في قطاع غزة: مركز حياة والبيت الآمن.

التنفيذ

في عام 2009، اعتمدت الحكومة الفلسطينية اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وبدأت تدريجياً بتنفيذ الإجراءات الداعمة لحقوق المرأة. وفي عام 2011، اعتُمد قرار مجلس الوزراء رقم (9) المتعلّق بإنشاء وتفعيل مراكز حماية للنساء اللواتي تعرضن للعنف القائم على النوع الاجتماعي. وينصّ القانون على ضرورة تكامل الخدمات المقدّمة الاجتماعية والصحية والقانونية والنفسية والتربوية والتأهيلية، وعلى وجوب أن تعمل المآوي تحت إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية، حتى لو أنشأتها منظمة غير حكومية أو جهة خاصة، وذلك لضمان مأسسة الخدمات المقدمة وشرعيتها. وتناط بالمآوي مسؤولية توفير الحماية لضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي وأطفالهن (حتى عمر 12 سنة). وتُعطى الأولوية للحالات الشديدة الخطورة وتُقبل على الفور في مراكز الطوارئ.8

وفي عام 2013، قدمت وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة شؤون المرأة الإطار القانوني لنظام الإحالة الوطني لضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي، الذي شمل القطاعين الصحي والاجتماعي والشرطة، وحدّد مسؤوليّة كل منها في دعم ضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي قبل قبولهنّ في المآوي وبعده. حصل الإطار على الموافقة وبدأ تنفيذه في عام 2014، وكُلفت جميع المؤسسات التي تقدم خدمات لضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي باستخدامه.9

وتراقب وزارة الشؤون الاجتماعية العمل في المآوي عبر إجراء ست إلى ثماني زيارات تفتيشية كل عام.10

الكلفة

توفر الحكومة التمويل الكامل لمآوي النساء، فترصد لها جزءاً من ميزانية وزارة الشؤون الاجتماعية. وفي عام 2020، جرى رصد 2.5 في المائة من الميزانية، أي ما يعادل 14,405 دولار أمريكي، لوزارة الشؤون الاجتماعية، وخُصّص لمآوي النساء.11

التقييم

تستقبل مآوي النساء في الضفة الغربية ما متوسّطه 5 نساء في أريحا، و12 في بيت لحم، و15 في نابلس.12 وفي غزة، استقبل “دار السلامة” 1,580 حالة بين عامي 2014 و2019 ،13 في حين استقبل مركز حياة في غزة 43 حالة بين عامي 2018 و2019، نظراً لمحدودية طاقته الاستيعابية (13 سريراً فقط) ولعدم فتح أبوابه قبل عام 2018 .14

والاحتلال المستمر يحد بشدة موارد الحكومة الفلسطينية وقدرتها على دعم سكانها، ويشكل تهديداً متواصلاً لاستدامة الخدمات التي تقدمها مآوي النساء وجودتها.

ولكن من خلال زيادة التنسيق بين مختلف الوزارات والقطاعات (وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الصحة، والشرطة)، نجحت الحكومة الفلسطينية في إنشاء نظام فعال لتقديم أكبر قدر ممكن من الدعم لضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي، في دليل على ما يمكن تحقيقه بموارد محدودة إذا ما توفرت الإرادة السياسية.

وفي غياب قانون يجرّم العنف القائم على النوع الاجتماعي في دولة فلسطين، يمكن أن يؤدي تنظيم الدعم المقدّم لضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي ومأسسته إلى تغيير الأعراف الاجتماعية المتعلقة به. ويتبيّن من تدخل الشرطة ومؤسسات الخدمات الاجتماعية لحماية ودعم ضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي أن هذا العنف لم يعد مقبولاً اجتماعياً. وقد يساهم توفير المأوى وتقديم الدعم القانوني – سواء أدى ذلك إلى صدور أمر بعدم التعرض أو إلى الطلاق – في تمكين المرأة، وإتاحة خيار قانوني لها بترك شريكها المسيء، وفضح وترهيب الرجال الذين يمارسون العنف القائم على النوع الاجتماعي.

وقد تكون جهود الحكومة الفلسطينية لمكافحة العنف ضد المرأة، ومن ضمنها اعتماد نظام الإحالة الوطني، ساهمت في انخفاض ملحوظ في نسبة النساء الفلسطينيات اللواتي تعرضن لأي نوع من أنواع العنف الأسري من 36.7 في المائة في عام 2011 إلى 27.2 في المائة في عام 2019 .15

المراجع

وسوم